ضخامة الأطراف

ما هي ضخامة الأطراف؟ وكيف تحدث؟

ضخامة الأطراف هي مرض تقوم فيه الغدة النخامية بإفراز وإطلاق كميات كبيرة من هرمونات النمو. ويؤدي هذا المرض في مرحلة الطفولة إلى العملقة. أما في مرحلة البلوغ فلم يعد بالإمكان استمرار النمو الطولي، ولذا تحدث تغييرات أخرى. ضخامة الأطراف هي مرض نادر نسبيًا، يظهر لدى حوالي 4 إلى 6 مرضى من كل مليون شخص سنويًا. وهو يظهر لدى الرجال والنساء بدرجة متساوية. نادرًا ما يكون مرض ضخامة الأطراف وراثيًا، ويمكن أن يحدث في أي عمر. 
تقع الغدة النخامية في منتصف الجزء الداخلي من الجمجمة، وهي مغروسة في تجويف قاعدة الجمجمة ("السرج التركي"، "Sella turcica"). إذا قمنا بمقارنة الرأس بشكل كروي، فإن الغدة النخامية ستكون موجودة في مركز الكرة تقريبًا. يبلغ حجم الغدة النخامية حجم لُب الكرز تقريبًا، إلا أن لها أهمية حاسمة للغاية في العمليات التنظيمية في الجسم باعتبارها غدة صماء عالية المستوى. أورام الغدة النخامية هي على الأغلب أورام غُدية تنشأ من خلايا الغدة النخامية الأمامية، وتكون حميدة، بمعنى أنها تنمو بشكل محدود للغاية في محيطها ولا تُشكل أي نقائل سرطانية. بالرغم من ذلك، فإنه نظرًا للوضع الخاص للغدة النخامية في تجويف العظام المحدود، يمكن للأورام أن تتسبب في حدوث قصور وظيفي هرموني (قصور الغدة النخامية) بسب الضغط على أنسجة الغدة النخامية الطبيعية. ومن الناحية الأخرى يمكن أن تتسبب أورام الغدة النخامية في فرط إنتاج غير مستهدف لهرمون الغدة النخامية، الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث اضطرابات في العمليات التنظيمية للغدة النخامية في الجسم، أو نمو غير مستهدف، أو عقم، أو تغير خارجي للجسم. وبما أن الغدة النخامية تقع أسفل تقاطع الأعصاب البصرية (التصالبة البصرية) مباشرةً، فمن الممكن أن يتعرض المسار البصري للضغط عن طريق أورام الغدة النخامية، وبالتالي يتعرض للضرر. قد يؤدي هذا الأمر إلى حدوث عيوب في المجال البصري وانخفاض حدة الإبصار. ومن المعتاد أن يرى المريض المصاب عتمة في الجوانب في بداية الأمر ("غِمامات). 
يتمثل سبب الإصابة بضخامة الأطراف لدى جميع المرضى تقريبًا في فرط إنتاج هرمون النمو، بسبب وجود ورم حميد في الغدة النخامية. لا يتسبب الورم في ظهور أي نقائل سرطانية! إلا أنه يجب معالجته، لأن الأورام الحميدة أيضًا يمكنها النمو، كما يمكن أن يؤدي فرط إنتاج هرمون النمو إلى ظهور أعراض لا يمكن القضاء عليها. إن ضخامة الأطراف غير المعالَجة أو المعالَجة بشكلٍ غير كافٍ تؤدي إلى تقييد كبير في جودة الحياة، وكفاءة 

الأداء، ومتوسط العمر.

ما هي الأعراض الرئيسية لضخامة الأطراف؟

تتطور الأعراض ببطء ويمكن تتبع أثرها لفترات طويلة. وتشمل علامات وأعراض المرض ما يلي: 
l تضخم اليدين والقدمين (زيادة حجم الحذاء والقفازات) 
l تضخم الأنف وحواف الجفن والذقن 
l قد تتباعد الأسنان. 
l الصداع 
l الميل إلى إفراز العرق 
l عدم تحمل الحرارة 
l آلام المفاصل 
l انخفاض الاستثارة الجنسية 
l عدم انتظام الدورة الشهرية 
l صوت أعمق 
l الشعور بالتنميل والوخز ف اليدين (متلازمة النفق الرسغي) 
l ارتفاع ضغط الدم 
l تضخم الغدة الدرقية 
l تقييد مجال الرؤية 
l انقطاع النفس النومي (صعوبة التنفس أثناء النوم). 
l ضعف تحمل الجلوكوز 
هذه مجرد الأعراض الأكثر انتشارًا التي يمكن أن تظهر على مدار فترة زمنية طويلة. ويكون تشخيص المرض أمرًا شديد الصعوبة، لأن أعراض المرض لا تظهر كلها في الوقت نفسه في أغلب الأحيان. وبسبب بطء حدوث التغيرات، فعلى الأغلب لا تتم ملاحظتها على الفور من المحيطين بالمريض. وكلما طال زمن المرض كانت الشكاوى أوضح، وكذلك التغيرات الخارجية. في المتوسط تمر فترة 5-10 سنوات ما بين الأعراض 

الأولى وحتى التشخيص.

كيف تتم معالجة ضخامة الأطراف؟

l العملية الجراحية 
l المعالجة بالعقاقير
l العلاج الإشعاعي (المعالجة بالأشعة)
العملية الجراحية

تتمثل الخطوة الأولى من العلاج بالنسبة للغالبية العظمى من المرضى في التدخل الجراحي، والذي يتم عن طريق أحد جراحي الأعصاب الخبراء في جراحة الغدة النخامية. ويعتمد نجاح العملية على حجم الورم ومستوى هرمون النمو. إذا تم تحديد وجود ما يُعرف باسم الورم الغدي الصغير (قطر < 10 ملم) عن طريق التصوير بالرنين المغناطيسي وكانت قيم هرمون النمو منخفضة نسبيًا، فهذا يعني توفر فرصة الشفاء الكامل لضخامة الأطراف لدى 80-90 % من المرضى.
تبدأ العملية الجراحية المجهرية في المعتاد بشق صغير في الغشاء المخاطي أسفل الشفة العليا أو شق في فتحة الأنف اليمنى. ثم يتم الوصول إلى الغدة النخامية عبر الجيب المجاور للأنف والجيب الوتدي (Sinus sphenoidalis)، أي بالطريق الوتدي.
للأسف فإن تشخيص "ضخامة الأطراف" يتم متأخرًا في أغلب الأحيان، حيث تكون الأورام الغدية كبيرة ولا يمكن إزالتها بالكامل. وأحيانًا يلزم إجراء تدخل جراحي آخر. إلا
أن المضاعفات الخطيرة تكون نادرة عند التعامل مع جراح خبير.
يمكن تحقيق شفاء طويل الأمل لدى 40-50 % من المرضى من خلال العملية الجراحية.

العقاقير 

تُستخدم العقاقير باعتبارها الاختيار الثاني.
وهنا توجد بشكل مبدئي ثلاث فئات مختلفة من العقاقير:

l محفزات الدوبامين (أقراص)
l محفزات السوماتوستاتين (حقن)
l مضاد هرمون النمو (حقن) 


محفز الدوبامين 
محفز الدوبامينيتم إعطاء محفز الدوبامين "الكابرجولين" إذا كان المريض يرغب في العلاج بالأقراص أو 
إذا كان هرمون النمو ما يزال مرتفعًا بعد العملية الجراحية، وبالأخص في حالة ارتفاع هرمون البرولاكتين في الوقت نفسه. إلا أن هذا الشكل من العلاج لا يكون فعالاً إلا مع
حوالي 10 % فقط من المرضى. كما أن البروموكريبتين لم يعد يوصى بتناوله حاليًا.

محفزات السوماتوستاتين
يتم حقن محفزات السوماتوستاتين مثل أوكتريوتيد، ولانريوتيد، وباسيروتيد في العضل في شكل مَدْخَري مرة واحدة شهريًا. ويتم استخدامها مع المرضى الذين يتعذر إجراء العملية الجراحية لهم، أو الذين لا يرغبون في إجراء العملية الجراحية، في ظل ظروف معينة تجعل العملية غير مبشرة بالشفاء، أو بعد عملية غير ناجحة، أو حتى يبدأ تأثير العلاج الإشعاعي. يتم التحكم بنجاح في إطلاق هرمون النمو لدى حوالي 40-70 % من المرضى، ويتم تقليص الورم الغدي لدى حوالي 60-75 % من المرضى. وتتمثل الآثار الجانبية الرئيسية في الإسهال وانتفاخ البطن، الذي يتحسن بمرور الوقت، وتكون حصوات المرارة. مع الباسيروتيد ينشأ أيضًا خطر متزايد للإصابة بداء السكري، ولذا يلزم إجراء
فحوصات منتظمة لسكر الدم في بداية العلاج.

مضاد هرمون النمو

يتم حقن محفزات السوماتوستاتين مثل أوكتريوتيد، ولانريوتيد، وباسيروتيد في العضل في شكل مَدْخَري مرة واحدة شهريًا. ويتم استخدامها مع المرضى الذين يتعذر إجراء العملية الجراحية لهم، أو الذين لا يرغبون في إجراء العملية الجراحية، في ظل ظروف معينة تجعل العملية غير مبشرة بالشفاء، أو بعد عملية غير ناجحة، أو حتى يبدأ تأثير العلاج الإشعاعي. يتم التحكم بنجاح في إطلاق هرمون النمو لدى حوالي 40-70 % من المرضى، ويتم تقليص الورم الغدي لدى حوالي 60-75 % من المرضى. وتتمثل الآثار الجانبية الرئيسية في الإسهال وانتفاخ البطن، الذي يتحسن بمرور الوقت، وتكون حصوات المرارة. مع الباسيروتيد ينشأ أيضًا خطر متزايد للإصابة بداء السكري، ولذا يلزم إجراء
.فحوصات منتظمة لسكر الدم في بداية العلا

مضاد هرمون النمو
يتم إعداء مضاد هرمون النمو "البيجفيسومانت" عندما لا يكون بالإمكان التحكم في المرض عن طريق الوسائل العلاجية الأخرى. يجب تناول البيجفيسومانت في المعتاد مرة واحدة يوميًا عن طريق الحقن. ومن خلاله يمكن التحكم في المرض لدى حوالي 90 % من المرضى. ينبغي في البداية التحقق من قيم الكبد. ونظرًا لأن الورم الغدي قد يواصل النمو أثناء العلاج، فيجب إجراء فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي المنتظمة على الغدة النخامية.

العلاج بالأشعة
تتوفر المعالجة بالأشعة باعتبارها طريقة المعالجة الثالثة. وقد تكون ضرورية إذا لم يكن بإمكان المرضى الذين يعانون من ورم أكبر في الغدة النخامية علاج ضخامة الأطراف عن طريق العملية الجراحية أو السيطرة على المرض بالأدوية. ويمكن استخدام أنواع مختلفة من الأشعة تبعًا للحالة. سنعرض لكم هنا باختصار الإجراءات الأكثر شيوعًا في هذه الأيام.

المعالجة بالأشعة التجزيئية التوافقية أو التجسيمية. أحد أشكال العلاج بالأشعة هو المعالجة بالأشعة التجزيئية الخارجية، والتي يتم من خلالها توجيه الأشعة إلى أنسجة الورم فقط بشكل مستهدف (توافقي أو تجسيمي). يتم العلاج بالأشعة على مدار 20-25 يومًا، ويكون في العيادات الخارجية. تستغرق كل جلسة حوالي 30 دقيقة. ويمكن تحقيق الشفاء مع حوالي 40-50 % من المرضى. لكن قد يستغرق الأمر 10-15 عامًا للوصول إلى هذه المرحلة. وتتمثل الآثار الجانبية الأكثر شيوعًا في فشل وظائف الغدة النخامية الأخرى. أما حدوث أضرار بالأعصاب البصرية أو بالأعصاب الدماغية الأخرى أو ظهور أورام ثانوية فهي أمور نادرة بشكل عام.

الجراحة الإشعاعي
خلافًا للعلاج بالأشعة التجزيئية يمكن في حالات خاصة أيضًا إجراء علاج بالأشعة شديدة التركيز لمرة واحدة. في المعتاد تتم مراعاة بقايا الورم الصغيرة التي يمكن تحديدها بشكل جيد بعد العملية الجراحية (المتبقية بعد التدخل الجراحي)، والتي تكون على مسافة كافية من الأعصاب البصرية. تتشابه فرص الشفاء مع العلاج بالأشعة التجزيئية، ويبدأ التأثير في الظهور بشكل أبكر، وتكون احتمالية فشل وظائف الغدة النخامية الأخرى أقل. كما أن حدوث أضرار بالأعصاب البصرية أمر أكثر نُدرة، ولا توجد حتى الآن أي بيانات متاحة عن الآثار الجانبية الأخرى طويلة المدى. يجب إجراء فحوصات متابعة المرضى المصابين بضخامة الأطراف من قِبل أحد مراكز الغدد الصماء على المدى الطويل. بعد مرور ثلاثة أشهر على إجراء العملية الجراحية يتم توثيق إفراز هرمون النمو، ووظائف الغدة النخامية، ونجاح العملية من خلال التصوير بالرنين المغناطيسي للغدة النخامية. تعتمد فحوصات المتابعة التالية والفترات الزمنية بين الفحوصات على مسار المرض. وتتراوح الفترات الزمنية للفحوصات في المعتاد ما بين 3 إلى 12 شهرًا. ونظرًا لأن الانتكاسات المتأخرة (معاودة الظهور المتأخرة للمرض) ممكنة حتى بعد مرور عدة سنوات، فينبغي إجراء الفحوصات كل 2-3 سنوات حتى في حالة الشفاء الظاهري. تجب معالجة ومراقبة الأمراض المصاحبة مثل ارتفاع ضغط الدم، وداء السكري، وضعف عضلة القلب، وانقطاع النفس النومي. إذا أمكن الوصول إلى المستوى الطبيعي لإفراز هرمون النمو، وعلاج الأمراض المصاحبة بشكل دقيق، فمن الممكن الوصول إلى متوسط العمر الطبيعي.

بدعم كريم من