الورم البرولاكتيني الناتج عن فرط برولاكتين الدم
ما هو الورم البرولاكتيني؟ ما هو فرط برولاكتين الدم؟
الورم البرولاكتيني عبارة عن ورم في الغدة النخامية يتسبب في إفراز كميات كبيرة من هرمون البرولاكتين. تكون الأورام البرولاكتينية حميدة في معظم الأحيان، ولا تتسبب في ظهور نقائل سرطانية. لكن يظل من الضروري علاجها، لأن الأورام الحميدة يمكنها أيضًا النمو وإحداث أعراض تتسبب في مشكلات طويلة الأمد، مثل تدهور الرؤية بسبب الضغط على الأعصاب البصرية القريبة. تنقسم الأورام البرولاكتينية تبعًا لقطرها إلى أورام برولاكتينية صغيرة (< 10 مم) وأورام برولاكتينية كبيرة (> 10 مم).
يشير فرط برولاكتين الدم بشكل عام إلى زيادة مفرطة في البرولاكتين، بالرغم من إمكانية حدوثها لأسباب أخرى أيضًا خلاف الورم البرولاكتيني. إن تواتر فشل تنظيم البرولاكتين ليس بالأمر النادر تمامًا، حيث يتم اكتشافه لدى 3 من كل 100000 شخص تقريبًا كل عام.
تقع الغدة النخامية أسفل المخ، تقريبًا على خط يمر عبر قناتي الأذن ويتقاطع مع خط وهمي من جذر الأنف إلى مؤخرة الرأس. وهي بحجم لُب الكرز تقريبًا. بجانب إفراز البرولاكتين وهرمونات النمو، فإن الغدة النخامية تتحكم أيضًا في الغدة الدرقية والغدة الكظرية والمبيضين عند النساء والخصيتين عند الرجال. وعلاوةً على ذلك يتم التأثير على منطقة ما تحت المهاد وكذلك على تنظيم الماء في الجسم عن طريق الغدة النخامية وعن طريق مركز الدماغ الموجود فوقها. بالتالي فإن الغدة النخامية تُعد مركز تحكم مهم للغاية للجسم، بالرغم من حجمها الصغير.
يُعتبر هرمون البرولاكتين مادة ناقلة مهمة ذات صلة خاصة بإفراز الحليب في فترة الإرضاع - وهي الحقيقة التي أدت أيضًا إلى اسم البرولاكتين ("مُدر الحليب"). في فترة الإرضاع لدى السيدات يتم إفراز هذا الهرمون بكميات كبيرة، مما يتيح للطفل الرضاعة الطبيعية. وفي الوقت نفسه، يتم إثناء الإرضاع تعطيل وظيفة المبايض، لذلك لا تتمكن السيدات في المعتاد من الحمل خلال هذه الفترة. لقد عرف الإنسان هذا المبدأ بالفعل منذ القِدم، واستخدم الرضاعة كنوع من أنواع منع الحمل.
إن زيادة إنتاج هذا الهرمون تؤدي إلى اضطراب الخصوبة لدى السيدات، وكذلك أيضًا لدى الرجال. ومع ذلك، فإن أهمية هرمون البرولاكتين لدى الرجال ليست معروفة بالكامل حتى وقتنا هذا. تشير البيانات الحديثة إلى أن هرمون البرولاكتين يلعب دورًا مهمًا لدى الجنسين في دورة الاستقلاب وكذلك في التغلب على الإجهاد. المادة الأكثر أهمية في عملية التحكم في إنتاج البرولاكتين هي المادة الناقلة الدوبامين، التي يتم إنتاجها في منطقة ما تحت المهاد - جزء من الدماغ البيني - والتي تثبط إفراز البرولاكتين من الغدة النخامية.
ما هي الأعراض الرئيسية للورم البرولاكتيني ولفرط برولاكتين الدم؟
تصنيف الأعراض بسهولة. فالكثير من الشكاوى والأعراض تظهر ببطء واحدةً تلو الأخرى. ويتم اكتشاف المرض لدى السيدات مبكرًا عن الرجال في معظم الحالات. الأعراض السريرية لدى السيدات:
السيدات قبل سن اليأس (قبل انقطاع الطمث):
l اضطرابات الدورة، خصوصًا انقطاع الحيض أو الدورات الطويلة l تدفق الحليب (ثر اللبن)
l الشعور بآلام في الثدي
l العقم
l آلام أثناء الجماع
l زيادة الوزن
l انخفاض الرغبة الجنسية (الدافع الجنسي)
السيدات بعد سن اليأس (بعد انقطاع الطمث):
l اختفاء/غياب الهبات الساخنة
l هشاشة العظام / وهن العظام (ضمور العظام)
الأعراض السريرية لدى الرجال:
l انخفاض القدرة الجنسية والرغبة الجنسية
l تضخم/آلام في الثدي، وتدفق الحليب النادر
l انخفاض نمو اللحية على المدى الطويل
l زيادة الوزن
l هشاشة العظام / وهن العظام (ضمور العظام)
الأعراض السريرية لدى الشباب:
l تأخر البلوغ
أعراض أخرى للورم برولاكتيني تحدث بسبب الضغط على الأنسجة المحيطة:
l قيود المجال البصري (ظاهرة الغمام)
l الصداع
l قصور الغدة النخامية
كيف يمكن علاج فرط برولاكتين الدم/الورم البرولاكتيني؟
بشكل مبدئي تتوفر ثلاث
إمكانيات للعلاج:
l العلاج بالعقاقير
l العملية الجراحية
l العلاج بالأشعة
العلاج بالعقاقير:
بالنسبة للعلاج بالعقاقير فإن محفزات الدوبامين، والتي تُستخدم بكثرة أيضًا مع مرض باركنسون، تأتي في المقام الأول. توجد محفزات دوبامين من الجيل الأول والجيل الثاني.
بروموكريبتين (كيريم، بارلوديل، برافيديل)، عبارة عن محفز دوبامين من الجيل الأول، موجود في الأسواق منذ 35 عامًا، وبالتالي فهو يتمتع بخبرات كبيرة. يتم تناول الدواء على الأغلب مرتين في اليوم. يتم البدء بجرعة منخفضة تبلغ 1.25 ملجم يوميًا، في حين تبلغ الجرعة النموذجية 2.5 ملجم على هيئة جرعة يومية مقسمة. وبسبب عمر النصف القصير فقد يكون من الضروري تناول عدة جرعات يوميًا. يؤدي تناول بروموكريبتين إلى الوصول إلى مستويات البرولاكتين الطبيعية لدى 80 إلى 85% من الحالات، بغض النظر عما إذا كان الورم الغدي صغيرًا أو كبيرًا.كابرجولين (دوستينكس، كاباسيريل)، عبارة عن محفز دوبامين من الجيل الثاني، يجب عدم تناوله لأكثر من مرة واحدة أو مرتين في الأسبوع، وتبلغ جرعة البداية في المعتاد 0.5 ملجم أسبوعيًا. وهو يقلل من تركيز البرولاكتين بشكل أسرع من البروموكريبتين على الأغلب، ويصل إلى مستوى هرمون البرولاكتين الطبيعي في الدم لدى 90٪ من المرضى المعالجين. ينبغي زيادة الجرعة الأسبوعية تدريجيًا، ومن الأفضل أن تتم الزيادة بمقدار 0.25 ملجم أسبوعيًا على فترات شهرية، حتى الوصول إلى الاستجابة العلاجية المثالية. وفقًا للتوصية الحالية للمجتمع المتخصص فإن كابرجولين يتمتع بفاعلية أفضل وتحمل أعلى، وبالتالي فهو يحقق المعيار العلاجي الذهبي. يمكن أيضًا تناول محفزات الدوبامين الأخرى ذات آلية التأثير المشابهة مثل كويناجولايد (نوربرولاك)، ليسوريد (دوبرجين) وبيرجوليد (باركوتيل، بيرماكس)، بعد التشاور مع طبيب الغدد الصماء المعالج.
تعمل الأدوية في المعتاد على تقليص الورم وإعادة مستويات البرولاكتين إلى طبيعتها. وعلاوةً على ذلك فهي تُعيد الدورة والإباضة إلى طبيعتها لدى 60-100 % من المريضات. بعد العلاج المناسب تتحسن عيوب المجال البصري في غضون أيام قليلة. أما الأورام البرولاكتينية الكبيرة فتحتاج إلى مدة أطول للوصول بتركيز البرولاكتين إلى المستوى الطبيعي، وتتطلب في المعتاد جرعات أعلى من الدواء.
العملية الجراحية
إذا لم يتقلص حجم الورم باستخدام العلاج بالعقاقير أو لم يكن بإمكان المريض تحمل العلاج بالعقاقير، وهو الأمر النادر الحدوث للغاية، فإن إمكانية العملية الجراحية متاحة. وهنا يتم الوصول إلى الغدة النخامية عن طريق الأنف. حوالي 60-80 % من المرضى أصحاب الأورام البرولاكتينية الصغيرة، وحتى 40 % من المرضى أصحاب الأورام البرولاكتينية الكبيرة يتمكنون من الوصول إلى المستوى الطبيعي لتركيز البرولاكتين. تعتمد نتيجة العملية الجراحية بدرجة كبيرة على خبرة ومهارة الجراح! وحتى إذا عاد تركيز البرولاكتين إلى المستوى الطبيعي بعد العملية الجراحية مباشرةً فمن الممكن أن يعاود الارتفاع في الأعوام التالية. يمكن أن تتسبب العملية في حدوث اضطراب في الأنظمة الهرمونية الأخرى للغدة النخامية خصوصًا مع الأورام الكبيرة، بينما يمكن مراعاة ذلك في
المعتاد مع الأورام الصغيرة.
العلاج بالأشعة
في حالة عدم نجاح العلاج بالعقاقير ولا العلاج الجراحي، تتوفر إمكانية العلاج بالأشعة. وهنا قد يستغرق الأمر شهورًا، وأحيانًا أعوامًا، حتى يعود تركيز البرولاكتين إلى المستوى الطبيعي. يتم إجراء العلاج بالأشعة على الأغلب لمنع نمو الورم بعد العملية الجراحية. وتتمثل الآثار الجانبية المحتملة للعلاج بالأشعة في الغثيان المؤقت، والإرهاق، وفقدان
حاستي التذوق والشم، وتساقط الشعر في حالات نادرة. ويمكن أن يحدث قصور في وظيفة
الغدة النخامية في غضون 10 سنوات.